المجلس الثامــــن ..
حفظ الصِّحَّة:
قد يكون موضوعنـــا لهذا اليوم طويل , ولكني لمـ أرد إختصاره لما فيه من الفوائد الرائعة
والمفيـــــــــدة جدا ..
من حِكَمِ الصيام ؛ أنَّ فيه فوائد صحية كثيرة وفيه راحة للبدن ، وإجازة للجهاز الهضمي لإعطائه
فترة من الزمن يستريح فيها من الامتلاء والتفريغ فيحصل له استجمام وراحة يستعيد بها نشاطه
وقوته ، ولا شك أنَّ المعدة بيت الداء ، والحمية رأس الدواء، كما قال طبيب العرب الحارث بن
كلدة.
وليس من شكٍّ أنَّ الصوم فيه صحَّة وراحة للإنسان ، وأنَّه مقاوم لأمراض عدَّة قد تجتاح جسم
الإنسان ، أو أنَّه يخفف من وطئتها إذا ابتلي بها الجسم ، ومن فوائد الصيام الصحية : الوقاية من
الأمراض وخاصة أمراض المعدة ، وزيادة الوزن ، وزيادة الدهون ، وزيادة الضغط ، والسكري ،
والتهاب المفاصل.
ولهذا فإنَّ بقراط الملقب بأبي الطب اليوناني قد استعمل الصوم كعلاج خلال الأيام الأولى من
المرض ، وكان يصف أنواعاً مختلفة من الصوم تتناسب مع المرض الذي يصاب به الشخص
المريض(انظر: الصوم علاج كلِّ الأمراض ـ للدكتورة: أميَّة لحُّود ..
تقول الدكتورة(أميَّة لحود) لقد أجريت عدَّة تجارب على بعض الطلاب ، أثبتت أنَّ الصوم لفترة
قصيرة يزيد في قدرة هؤلاء الطلاب الذكائية والفكرية ، ويجعل منهم طلاباَ يملكون منهم قدرة أكثر
على استيعاب دروسهم وحفظها ، أمَّا السبب لكل هذا فهو أنَّ الصوم يتيح للجسم أن يطرح كل
السموم المتراكمة ، فيصبح الدم نقياً ، ويتغذى به الدماغ بطريقة أفضل) (الصوم علاج كل
الأمراض/ صـ19ـ20)
ولا ريب أنَّ ذلك يوضح عظمة الخالق ـ سبحانه وتعالى ـ في أنَّه ما شرع لنا شيئاً إلا وفيه من سبل
الخير والنفع الشيء الكثير.
ولقد وعى الأطباء أهمية الصوم وصاروا يقدمونه على كثير من أنواع الأدوية والعلاج ، فيقول
الدكتور(نيكولاي) إنَّه من المهم أن نطلب من المريض أن يصوم ويخسر بعضاً من وزنه من
أجل أن يحصل على الشفاء التام ، خير من أن نملأ بطنه بالعقاقير والأدوية وجميع أنواع الغذاء).
بل إنَّ الدكتور(وولف بايير)الألماني وضع كتاباً عنوانه العلاج بالصوم علاج المعجزات) وأكَّد
أنَّ الصوم ، هو الواسطة الأكثر فعالية من أجل القضاء على كل الأمراض، وساوى أهمية الصوم
بأهمية الجراحة).
وقد ذكرالشيخ محمد رشيد رضا ـ رحمه الله ـ عن بعض أطباء الإفرنج أنَّه قال صيام شهر في
السنة يذيب الفضلات الميتة في البدن منذ سنة) تفسير المنار(2/145)
وفي هذا يقول الدكتور: محمد محمد أبو شوك في مقالة له (الصوم والجهاز العصبي) فإلى من
يتردَّدون إلى عيادات الأطبَّاء ، طلباً لدواء يذهب عنهم التوتر العصبي ، والأرق ، والكآبة ،
وغيرها من الأمراض ، التي تذهب بالعقول ؛ هاكم رمضان ، لو تمسَّكتم بروحانيته ، وما يضفيه
على نفوسكم من خير لما احتجتم في يوم من الأيام ، إلى ما لا نهاية له من علاج ودواء) بيدَ أنَّ
بعض الناس لا يعطون لهذا الشهر مقصده من ذلك لترويض النفس على التقلُّل من الأكل ، كما ذكر
الإمام الغزالي بأنَّ(مقصود الصوم الخواء ، وكسر الهوى لتقوى النفس على التقوى)إحياء علوم
الدين(1/230)
والعجب حين تجد كثيراً من الناس حين يقدم هذا الشهر المبارك يذهب إلى السوق ويشتري من
الحاجيات ما يفوق شراءه لأكثر من ثلاثة أشهر ، من المأكولات والمشروبات والحلويات وما إلى
ذلك ، وكأنَّ هذا الشهر شهر أكلات ووجبات ! ولهذا زادت كثير من أمراض الناس لكثرة أكلهم ،
حتَّى إنَّ الإنسان لو ذهب إلى المسشفيات لوجد أنَّ أكثرها من قسم الباطنية والأمراض المتعلقة
بكثرة الأكل والشرب ، حتَّى إنَّه صار ملحوظاً كثرة السمنة والترهل بسبب كثرة المطعومات
وإدخال الطعام على الطعام ، والله ـ سبحانه وتعالى ـ يقول : (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا). قال
بعض العلماء: (جمع الله بهذه الآية الطبَّ كلَّه)
وقد كان أسلافنا الكبار ينهون عن كثرة الأكل ؛ فقد قال لقمان لابنه : يا بني ! إذا امتلأت المعدة ،
نامت الفكرة ، وخرست الحكمة ، وقعدت الأعضاء عن العبادة). وقال حاتم الطائي وهو المشهور
بكرمه:
فإنَّك إن أعطيت بطنك سؤله *** وفرجك نالا منتهى الذمِّ أجمعا
ولهذا فقد ذكر علماء الطبِّ أنَّ تناول الفطور حتَّى الشعور بالتخمة يؤدِّي إلى إفساد الفوائد الصحية
للصوم ، ولهذا فإنَّه ينبغي على المسلم أن يكون محافظاً على تلك الفوائد المجنية من شهر الصيام ،
ولا يفسدها بكثرة الأكل والإسراف في المشتريات من المطعومات ، ولقد قال الإمام محمد بن
الحسن الشيباني : من الإسراف الأكل فوق الشبع ، ومن الإسراف الاستكثار من المباحات والألوان
، ومن الإسراف أن يضع على المائدة من ألوا ن الطعام فوق ما يحتاج إليه الأكل)(كتاب الكسب
للشيباني/ صـ 79ـ83).
فهل يعي المسلمون أنَّ هذا من الإسراف؟! وإنَّ المرء ليستغرب من الكثير من أبناء المسلمين ،
حين يجدهم يتهافتون على الأكل من أصناف عديدة بعد صيامهم ، وكأنَّهم لم يأكلوا مدَّة شهر، ولو
نصحهم أحد بتخفيف ما يأكلونه ، وعدم الإسراف فيما يقدِّمونه من مطعم ومشرب ، لضجُّوا وأكثروا
، وقالوا ألا تعلم أنَّنا قد صمنا عشر ساعات فأكثر ، ولم نطعم أكلاً ولا شراباً؟ فعجباً من هؤلاء،
وحقَّ أن يقال فيهم مقولة الشيخ:أحمد شهيد الحلبي باللهجة الشاميَّة : (نأكل بالأرطال ، ونشرب
بالأسطال ، بدنا نكون أبطال ، هذا شيء بطَّال!!)
أعجبتنــــــــــــــي كثييييييــــــر شكرا لطيب متابعتكمـ وإلى اللقــــــــــاء ,,