أرسَلَ الأقصى وفي عينَيْهِ دمعُ:
ما دَهَى الأمّةَ لا عينٌ بها
ترصُدُ الأحداثَ، أو يُرهَفُ سَمْعُ ؟
أعبيدُ العِجلِ حُرّاسي وفي
أمّة الإسلام للإقدامِ وُسْعُ ؟
أم تَراني هِنتُ في أعينِهِمْ
لا دميْ يُفدَى
ولا فَجعِيَ فَجْعُ ؟
ثم قالَ المسجدُ الأقصى بحزمٍ واقتِضابْ:
مَن – تُرى – المسؤولُ فيكُمْ
ومتى يُرسِلُ الردَّ على هذا الخِطابْ ؟
قلتُ والآلامُ تَشوي أَضلُعيْ
وخيالي شارِدٌ ليسَ معي
أعبُرُ الماضيَ مطعوناً بِذُلِّ الواقِعِ
ثم أَلوي سابحاً في أَدْمُعي:
أيّها الأقصى، ومن ذا يدّعي
أنّه المسؤولُ عمّا يَجْتَرِمْ
إنّ مَنْ يجبُنُ عنْ "لا" رَهْبَةً
فَهْوَ لا يقوَى على قولِ "نعَمْ"
كلُّنا أصبَحَ في الجُبنِ كَمَنْ
ما لهُ عينانِ في الرأسِ وَفَمْ
ليس فينا قائِدٌ تَحمِلُهُ
باتّجاهِ الحربِ ساقٌ أوْ قدمْ
ساحةُ الحربِ التي تعرفُها
أُوصِدَتْ أبوابُها من زَمَنٍ
أصبحَ الإقدامُ من أولى التُّهَمْ <<(المجاهد إرهابي )
أيّها الأقصى لك اللهُ فَكَمْ
تطلُبُ النّجدةَ مكلوماً وكمْ
ما تُنادي من بقايا جُثَثٍ
جُلُّ من تدعو مِنْ النّاسِ رِمَمْ
جُلُّهم أَسرى فروجٍ وبُطونٍ
ولُقَمْ
جُلُّ مَنْ ناديتَ لم يطرُقْهُ هَمْ
غيرُ همِّ الذاتِ لا شيءَ أهَمْ
عايَشَ الخوفَ من الخوفِ فَلَمْ
يستَسِغْ للمَجْدِ و العِزّةِ طَعْمْ
جُلُّنا أصبحَ من ذِلّتِهِ
رقماً يَنْضَمُّ في الطّرحِ إلى جّنْبِ رَقَمْ
جُلُّنا – يا أيها الأقصى – قَزَمْ
قبلَ ان يعرِفَ ما الحربُ وما السِّلْمُ
انهزمْ
أيها الأقصى، وقد جَلَّ المُصابْ
صوتُكَ الصّارخُ أنّى يُستجابْ ؟
فجيوشُ القومِ ذابَتْ
في أياديها الحِرابْ
وشبابُ القومِ تلهو
فَقَدَتْ روحَ الشّبابْ
فتلفَّتْ في جهاتِ الأرضِ وانظُرْ
هل ترى إلاّ سراباً في سرابْ ؟
هل ترى إلاّ ضَحَايا لافتِراسٍ، وذئابْ ؟
فاعتبِرْنا أمّةً ضائِعةً
والْتَمِسْ في أمّةٍ أخرى الجَوابْ